28/11/2023

الكوكب الصامت

Blog image

الكوكبُ الصّامتِ، روايةٌ تنتمي إلى قصصِ الخيالِ العلميِّ، التي قد تَستحوذُ على اهتمامِ كلٍّ منَ الكبارِ واليافعينِ، على غرارِ الكَثيرِ من رواياتِ الأدبِ العالميّ، التي قد تَجعلُنا نقعُ في مأزقِ صعوبةِ التصنيفِ، وهي تجربةٌ مختلفةٌ، فَرَّتْ من مُخيِّلَتي  لأجِدَها تَخدمُ فئةَ "اليافعينِ" أيْ منْ هُم أقربُ إلى مرحلةِ الشَّبابِ، حيثُ الخيالُ المجنحُ، والميولُ نحوَ استكشافِ عالمِ المجهولِ فـي الفضاءِ والكواكبِ الموجودةِ أو المُفترَضةِ... ومن حيث اتكاءُ هذا الخيالِ العلمي على واقعٍ معيشٍ، أي أنّه ليسَ خيالاً علميّاً بحتاً أو مستنداً إلى الإثارةِ المجانيةِ كما فـي بعضِ الأفلامِ الغربيةِ، إنما هو خيالٌ موظّفٌ ومحمّلٌ برموزٍ معرفـيّةٍ فكريّةٍ وأخلاقيّةٍ ذاتِ خطابٍ إنسانيٍّ كونيّ، يتجاوزُ العرقَ واللونَ والحدودَ الجغرافـيّةَ.... 
وهنا نأتي باللامعقولِ أو الخارقِ، لخدمةِ المعقولِ المستمدِّ منَ الواقعِ والهمِّ الحياتيّ البشريّ العامِّ، أي أنّ الخطابَ في هذه الروايةِ يستندُ إلى أدواتٍ علميةٍ متَخَيلةٍ، تُشكلُ بديلاً عن تلك الخوارقِ المتكئةِ على السحريةِ والقُدرةِ على اختراقِ حَواجزِ الزمانِ والمكانِ وَفقَ معقوليةِ الواقعِ المعيشِ؛ فقد أصبحتِ التقنياتُ العلميةُ المتخَيَلةُ بديلاً عن بساطِ الريحِ ومصباحِ علاءِ الدينِ على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ.... 
وفـي الكوكبِ الصّامتِ، حيث تختفـي القدرةُ على الكلامِ بسببِ عواملَ فـيزيائيةٍ، يأتي التحدي فـي مواجهةِ الصعوبةِ الشّاقةِ فـي رسمِ مشاهدَ قادرةٍ على خلقِ دهشةٍ وإثارةٍ مرئيتين؛ استغناءً عن الحواراتِ المباشرةِ والسّهلةِ، وبالتالي فإن لغةَ التخاطبِ والتواصلِ مع الآخرِ تأخذُ شكلاً جديداً فـي الكوكبِ الصّامتِ، ويبدعُها الإنسانُ ليتحاورَ مع الكائناتِ الغريبةِ من سكانِ ذلك الكوكبِ... حيث تبرزُ المكانةُ الأنطلوجية للغةِ بوصفها متماهيةً معَ الوجودِ. 
فالحريةُ والعدالةُ والأمنُ والسلامُ واحترامُ الآخرِ، والإيمانُ بالعقلِ والعلمِ والعملِ، كلّها قيمٌ حملَتْها روايةُ الكوكبِ الصّامتِ المقدَّمةِ لهذه الفئةِ العمريةِ المحيّرةِ التي لمْ تعدْ تُقنعُها قصصُ الأطفالِ، حيثُ الاعتدادُ ببدايةِ النضجِ الذهنيّ لليافعِ فـي هذه السّنِ، ومن هنا حاولتُ فـي هذه الروايةِ الارتقاءَ بمستوى اليافعِ ذهنياً ولغوياً، وأن أقدّم عملاً محفزاً لمخيلتِه ولمستواه الفِكري، ومطوّراً للغتِهِ، كلُّ ذلك فـي محاولةٍ لتجسيرِ الهوةِ بينَ أدبِ الأطفالِ وأدبِ الكبارِ، حيثُ الأفكارُ الناضجةُ واللغةُ المتقدمةُ من غيرِ الوقوعِ في تابوهاتِ أدبِ الكبارِ..بما يَرتقي بذائقةِ المُتلقي «اليافعِ» على الصُعدِ المعرفـيّةِ والفنيّةِ، وبعمقٍ فلسفيٍّ غيرِ مباشرٍ، قدْ يصيبُ مكاناً في الفكرِ لدى القارئِ من شتى الفئاتِ العمريةِ، فـيحقّقُ الجدوى الذهنيةَ، وكذلك المتعةَ الأدبيّةَ بوصفِها اشتراطاً أساسيّاً من اشتراطاتِ العملِ الأدبيِّ.